ناقشني في إحدى المرات أحد الأصدقاء في المقالات التي أكتبها في مدونتي هذه قائلا أنني انتقد في الكثير منها دور اللغات الأجنبية في عالمنا العربي وفي نفس الوقت استفيد من تلك اللغات في مقالاتي عن طريق الاستشهاد بمواد مكتوبة بها. وعلى سبيل المثال فإن مقالي السابق يحتوي على عدة روابط لمواد منشورة على الانترنت اثنان منها باللغة الإنجليزية. فهل ما أقوم به يمكن أن يصنف تحت بند "يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم"؟
أود أن أؤكد أولا أنني لست ضد اللغات الأجنبية وإنما ضد سوء استخدامها في مجتمعاتنا العربية بحجج واهية كالعولمة ومواكبة العصر والانفتاح. إذ أن هناك فرق بين استخدام اللغات الأجنبية للاستفادة من علوم الآخرين وبين تسليط تلك اللغات على ألسنة العباد وثقافاتهم بل وحتى أرزاقهم. وإذا نظرنا إلى المجال الأكاديمي لوجدنا أنه ليس هناك ضير من القراءة باللغات الأجنبية والإفادة من العلوم المكتوبة بغير لغتنا، وذلك شريطة أن يكون للقاريء عقلا يقظا يستطيع أن يميز به الغث من السمين وألا يكون شديد الانبهار بعلوم الآخرين وإنجازاتهم.
كما يجب لمناهج تعليم اللغات الأجنبية، على الأقل في الجامعات، أن تركز على مهارتي القراءة والاستماع أكثر من التركيز على مهارتي التحدث والكتابة باللغات الأجنبية، وذلك لأن النهل من معارف الآخرين يقتضي قراءة علومهم وربما الاستماع إلى محاضراتهم أكثر من التحدث والكتابة بلغاتهم. وكما يذكر بروس شيرود فإنه ليس شرطا للأكاديميين أن يتحدثوا أو يكتبوا بلغة أجنبية ما ليقرؤا بها أو حتى ليترجموا منها إلى لغتهم الأم. (راجع هذا المقال لمزيد من التفصيل).
أما أن يجلس طلاب عرب أمام محاضر عربي في جامعة عربية تمولها حكومة عربية على أرض عربية ويتخاطب المحاضر مع طلابه بلغة أجنبية كثيرا ما تكون مكسرة، بل قل مهشمة، ومخلوطة بالعربية على نحو تهجيني عجيب، فإن هذا أمر يصعب قبوله وإن ساق المدافعون عنه من الحجج ما ساقوا.
والعارف بحال أمتنا العربية يتعجب من ذلك الاهتمام الشديد باللغات الأجنبية، وكأننا نعشق القراءة والعلم لدرجة أن ما هو متوفر بين أيدينا باللغة العربية لا يكفينا. (راجع هذا الخبر عن قرار المركز الثقافي البريطاني إغلاق مكتبته بالقاهرة لضعف الإقبال عليها). وهنا اختتم هذا المقال بما ذكره الدكتور محمد هيثم الخياط في مقال نشر في العدد الثالث عشر من مجلة تعريب الطب بعنوان "التعريب: حديث مستطرد"، والذي يقول فيه:
كم من الأطباء الخريجين يتابع العلم بعد تخرجه في مجلة أجنبية؟ نستطيع أن نجيب عن هذا السؤال بيقين, بناء على المعطيات المتوافرة لدينا في منظمة الصحة العالمية, فنقول إن نسبتهم المئوية لاتتعدى خمساً في المئة في أحسن الظروف. ثم يقولون لنا إننا نعلم الطالب بالإنجليزية أو الفرنسية أو الإيطالية حتى يستطيع متابعة الركب العلمي بعد تخرجه... فأي ركب هذا؟
أود أن أؤكد أولا أنني لست ضد اللغات الأجنبية وإنما ضد سوء استخدامها في مجتمعاتنا العربية بحجج واهية كالعولمة ومواكبة العصر والانفتاح. إذ أن هناك فرق بين استخدام اللغات الأجنبية للاستفادة من علوم الآخرين وبين تسليط تلك اللغات على ألسنة العباد وثقافاتهم بل وحتى أرزاقهم. وإذا نظرنا إلى المجال الأكاديمي لوجدنا أنه ليس هناك ضير من القراءة باللغات الأجنبية والإفادة من العلوم المكتوبة بغير لغتنا، وذلك شريطة أن يكون للقاريء عقلا يقظا يستطيع أن يميز به الغث من السمين وألا يكون شديد الانبهار بعلوم الآخرين وإنجازاتهم.
كما يجب لمناهج تعليم اللغات الأجنبية، على الأقل في الجامعات، أن تركز على مهارتي القراءة والاستماع أكثر من التركيز على مهارتي التحدث والكتابة باللغات الأجنبية، وذلك لأن النهل من معارف الآخرين يقتضي قراءة علومهم وربما الاستماع إلى محاضراتهم أكثر من التحدث والكتابة بلغاتهم. وكما يذكر بروس شيرود فإنه ليس شرطا للأكاديميين أن يتحدثوا أو يكتبوا بلغة أجنبية ما ليقرؤا بها أو حتى ليترجموا منها إلى لغتهم الأم. (راجع هذا المقال لمزيد من التفصيل).
أما أن يجلس طلاب عرب أمام محاضر عربي في جامعة عربية تمولها حكومة عربية على أرض عربية ويتخاطب المحاضر مع طلابه بلغة أجنبية كثيرا ما تكون مكسرة، بل قل مهشمة، ومخلوطة بالعربية على نحو تهجيني عجيب، فإن هذا أمر يصعب قبوله وإن ساق المدافعون عنه من الحجج ما ساقوا.
والعارف بحال أمتنا العربية يتعجب من ذلك الاهتمام الشديد باللغات الأجنبية، وكأننا نعشق القراءة والعلم لدرجة أن ما هو متوفر بين أيدينا باللغة العربية لا يكفينا. (راجع هذا الخبر عن قرار المركز الثقافي البريطاني إغلاق مكتبته بالقاهرة لضعف الإقبال عليها). وهنا اختتم هذا المقال بما ذكره الدكتور محمد هيثم الخياط في مقال نشر في العدد الثالث عشر من مجلة تعريب الطب بعنوان "التعريب: حديث مستطرد"، والذي يقول فيه:
كم من الأطباء الخريجين يتابع العلم بعد تخرجه في مجلة أجنبية؟ نستطيع أن نجيب عن هذا السؤال بيقين, بناء على المعطيات المتوافرة لدينا في منظمة الصحة العالمية, فنقول إن نسبتهم المئوية لاتتعدى خمساً في المئة في أحسن الظروف. ثم يقولون لنا إننا نعلم الطالب بالإنجليزية أو الفرنسية أو الإيطالية حتى يستطيع متابعة الركب العلمي بعد تخرجه... فأي ركب هذا؟