السبت، 18 أبريل 2009

مخدرات لغوية

يعد التحدث بلغات أجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية في البلاد العربية من الوسائل التي يحاول أن يثبت بها البعض أنه على قدر كبير من العلم والثقافة وأنه ابن بطوطة العصر الحالي الذي صال وجال في أنحاء المعمورة، إذ كثيرا ما نشاهد في التلفاز بعض أبناء العربية الذين يتحدثونها مخلوطة بالإنجليزية أو بالفرنسية بقصد أو بدون قصد. ويمكن لنا أن نعتبر هؤلاء الأشخاص جناة ومجنيا عليهم في آن واحد، فهم جناة لأنهم يشوهون اللغة العربية بكلمات لا داعي لها لأن لها نظائر بالعربية، كما أنهم مجني عليهم لأن التغريب والاستعمار الثقافي قد تمكن من عقول الكثير منهم حتى أضحى الفرد منهم لا يقوى على التعبير عما بدواخله دون اللجوء إلى بعض الكلمات والمفاهيم غير العربية. وللأسف فإن الكثير منا متورط في ذلك التشويه اللغوي الذي نتج عن تلقي الكثير منا علومه بلغة أجنبية، وخصوصا في المرحلة الجامعية.

والأدهى والأمر أنك تجد في بلادنا العربية من لا يحسن لغة أجنبية كالإنجليزية ولا يعرف منها إلا القشور ومع ذلك تجد كلامه هجينا لا هو بعربي خالص ولاهو بإنجليزية سليمة. وهذه الفئة الأخيرة تجدها محرجة إذا ما اضطرت إلى التحدث مع شخص لا يعرف العربية، إذ نرى في كثير من الأحيان بعض الأشخاص الذين كنا نظنهم فقهاء في اللغة الإنجليزية بسبب الكلمات الإنجليزية التي يحشرونها في حديثهم بالعربية يتأتئون في حديثهم بالإنجليزية ويرتكبون من الأخطاء ما يندى له الجبين.

إذن لماذا يدخل البعض منا بعض الكلمات الأجنبية في حديثه حتى وإن كان لا يتقن اللغة التي يستجدي منها تلك الكلمات؟

الإجابة تكمن في الإحساس الذي تعطيه تلك الكلمات لمستخدميها، إذ يشعر الكثير منا عندما يستخدم الكلمات الأجنبية أنه متحضر ومتعلم ومثقف حتى وإن لم يكن كذلك. ويمكن لنا أن نعتبر هذا الإحساس الكاذب بالتقدم والتطور بمثابة مخدر لغوي يجعل مدمنه يشعر بالرفعة والتميز الوهميين.

إن استخدامنا اللغة العربية في جميع مناحي الحياة في بلادنا العربية سوف يمكننا من التخلص من تلك المخدرات اللغوية التي تكاد تفكتك بأذهاننا، وذلك لكي نستطيع أن نرى الأمور على حقيقتها دون تزييف ونتمكن من أن نخطو خطوة ولو متواضعة نحو تحديد أسباب تخلفنا الحقيقية والتي لا يمكن لاستخدام القشور من لغات أجنبية مثل الإنجليزية أو الفرنسية إلا أن تزيدها تعقيدا.

هناك 3 تعليقات:

مؤازر صلاح يقول...

رائع كـ عادتك أستاذي
ولعلك هنا ذكرتني بـ أحد "المتسلبدين" فكـ الله قيد أسره عندما عاد إلى المملكة بعد أن أنهى المستوى الثاني للغة فكان يلحن بـ لسانه البدوي بين أصدقائه بين كل فينة وأخرى ببعض الكلمات التي سمعها من مسلسل أو فلم وبخاصة تلك الكلمات البذيئة والتي أصبح من القليل أن يخلوا لسان أحد "المُتَعربِزين" منها
فظن الجميع أهلاً وأصدقاء أن ابنهم نابغة عصره وزمانه فلم يلزمه من تعلم اللغة سوى أربعة أشهر فقط في حين أن البعض تمر عليه السُنون العِجاف وهو لم يُنهي شيء

والأطرف أن أحد الإخوة بعد أن أنهى أربعة مستويات في معهد اللغة الإنجليزية وعاد إلى والده سأله والده هل تعلمت اللغة ؟
فأجاب أن نعم
فقال له أنت الآن تستطيع التحدث والتخاطب والقراءة والكتابة بها كـ أهلها ؟
فاستحى الإبن من أن يُجيب بالنفي فأجاب أن نعم !

فما كان من الوالد الذكي إلا أن قام إلى غرفته وأتى بـ إحدى الوصفات الطبية الملحقة بكل صندوق دواء فشطرها نصفين وأعطى ابنه النصف الذي خُط باللغة الإنجليزية وأخذ هو النِصف الذي خُط بالعربية وقال لولده
ترجم !

محمد إدريس يقول...

شكرا جزيلا أخي مؤازر على تعليقك

هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها التشبه بالغرب مثل الملبس والمشية وغيرهما من التصرفات، وذلك بالإضافة الى اللغة. ولكن المشكلة في اللغة تكمن في أن إتقانها صعب بعكس باقي طرق التشبه، ولذا يظل التشبه بالغرب عن طريق اللغة ناقصا من الصعب جدا أن يكتمل بعكس بعكس أغلبية باقي طرق التشبه

والعارف بتفاصيل اللغة الإنجليزية يوقن تماما أن أن إتقانها إتقانا جيدا يتطلب الكثير الكثير من الوقت والمجهود والمال والصبر، وهي أمور لاتتوفر في الغالب إلا للقليل منا

ودمتم

Margaret Larkin يقول...

I have an Arabic question: my friend is learning Arabic and wants to find some good Arabic-learning sites. Do you have any recommendations? Thanks.